شريط الأخبار
جثة ميت امام موظفي البنك لنيل قرض بنكي معروف: الف مفقود مجهول المصير يخلفه احتلال وتدمير الشفاء الطبي توقيف موظف جمارك بتهمة الاختلاس ألبانيز تخاطب الضمير العالمي.. وتوثق بالأدلة جريمة الإبادة في غزة كباتن التطبيقات الذكية يلوحون بالاحتجاج "مكافحة المخدرات": القبض على متورطين بتجارة وزراعة وتهريب المخدرات "المركزي": الاعفاء من مخالفات السير لا يلغي خصم التامين مفاعل ديمونا تعرض لإصابة".."معاريف" تقدم رواية جديدة للهجوم الإيراني وتحليلات لصور الأقمار الصناعية اردني يقتل زوجه ابيه لقناعته بتحريضها والده ضده جدل حول دستورية فصل الحزب لنائبه.. ونوفان العجارمة يؤيد عدم الدستورية في بلد عدد عزابه 2.8 مليون.. لماذا يتزوجون؟! (2-1) "الأونروا": لا تغيير بحجم مساعدات غزة وقنابل غير منفجرة داخل مدارس الصفدي: حملة اسرائيل ضد الاونروا تاتي لقتل قضية اللاجئين الفلسطينيين ريال مدريد يتاهل لنصف دوري اوروبا بالركلات الترجيحية طقس دافيء حتى الاحد البنك الدولي: ارتفاع أسعار الأغذية في الأردن بنسبة 1.5% العجارمة: حرمان 1600 طالب من امتحانات التوجيهي بسبب “الغياب” الاردن.. قتل شقيقه طعنا بعد خلاف على عشرة دنانير تعثر مفاوضات للإندماج بين بنكين اردنيين الجامعة الاردنية: انتخابات اتحاد الطلبة في 21 ايار القادم

ليلة القبض على الأحلام

ليلة القبض على الأحلام

ماجد توبه 

 خلف جدران البيوت .. وبين أزقة الحواري والمدن الأردنية.. ثمة مراهقون وشباب أردنيون يحلمون بالهجرة.. والهروب من فقر استوطن.. ومن بطالة ارتفعت نسبها.. ومعيشة باتت كلفها باهظة.

45% من الأردنيين يفكرون بالهجرة كما تقول استطلاعات الرأي العام .. أي نصف السكان.. ولا تستغرب إن كان أغلب هؤلاء هم من الشبان والصغار الذين يرون ولا يملكون .. يحلمون ولا يطولون .. يتخرجون من الجامعات لتتلقّفهم البطالة والحواري والشوارع.. وتُخزَّن أسماؤهم في رفوف ديوان الخدمة التي أكلها الصدأ.

 

أما أيهم العمري وراشد صبح.. فتيا إربد المراهقان فقد اختصرا  - كما يبدو – ما مرَّ به شبابٌ سبقوهم في العلم والتخرج والخروج للحياة العملية.. أو هما هكذا اعتقدا.. فتركا البيت واختفيا ببساطة .. مخلفيِّن خلفهما حسرةً وقلقاً عارماً لدى أهليهما وزملائهما.. قبل أن يتم العثور عليهما بعد أربعة أيام في عمان ويتبخر حلمهما سريعا.

لقد خلّف راشد وأيهم مليون سؤال تصفع وجوهنا جميعا في مجتمع بات يبحث عن يقين وأمل بغد أفضل ولا يطوله .. حتى الآن.

 

دع عنك الآن الفقر وتردّي الأوضاع المعيشية للأسر الأردنية والتي ربما كانت محركا اعتمل في نفس المراهقين أيهم وراشد للبحث عن خلاص مبكر قبل أن تطحنهما الحياة.. لنعد إلى الكتاب المنجاة.. الذي اعتقدا أنه يمنحهما الأمل بعالم آخر.

 

"الأب الغني والأب الفقير".. الكتاب الذي يقدم وصفة موهومة أو حالمة للحصول على ثروة وحياة باذخة لا فقر فيها ولا حاجة .. رسم كما يبدو لأيهم وراشد طريق نجاة موهوما وحالما.. ليتركا بيتيهما وأسرتيهما ومدرستهما ويغلقا هاتفيهما وحساباتهما الالكترونية.. ويختفيا .. هكذا ببساطة.

لا تستغربوا .. فليس أكثر من المراهقين تأثرا بكلمة أو جملة أو انطباع يحمله كتاب أو كلمة أستاذ أو حتى فيديو لشخص غبي باحث عن الشهرة يبثه عبر اليوتيوب والتيك توك والانستغرام.

رفوف المكتبات وغرف القراءة عبر الشبكة العنكبوتية مليئةٌ بمثل كتاب "الأب الغني والأب الفقير".. كتب تحمل عناوين براقة تداعب أحلام الفقراء ومتوسطي الدخل.. والمستعجلين ببناء ثروة ودخول عالم رجال الأعمال.. كتب تستهلُّ أغلفتها الفاخرة بعبارات رنانة "الكتاب الأكثر مبيعا" .. الكتاب الذي غيّر حياة الكثيرين.. الكتاب الذي بيعت منه عشرة ملايين نسخة.. وهلم جرا.

كلها كتب جنت ثروات لكاتبيها.. لكن هل مكنّت قارئيها من جني ثروة أو بضع ثروة.. فهذا متروك لخيال القاريء والحالم.. وذلك الهارب من واقعه السيء.

 

هي كتب وفيديوهات.. تُخلِّف في الغالب إغترابا لدى الحالمين والمطحونين تحت ضغوطات الواقع المر.. فهي وصفات سحرية لعالمٍ مُتخيّل.. حكايا تليق بالدراما والأفلام.. وبعد أن يُحلّق قراؤها من شباب ومراهقين ومطحونين بفضاءات أحلامها.. يرتدّون بسرعة الصاروخ إلى الأرض.. ليرتطموا بالواقع المر.. فإما انكفاءٌ على الذات وعقدٌ نفسية.. وإما هروبلٌ مرضيٌ بانتحار وغرق بالمرض النفسي.. وإما بحثٌ عن هجرة حتى لو قادت لموت زؤام في قعر المحيط.

 

آه يا راشد.. آه يا أيهم.. آه يا شبابنا ومراهقينا.. ماذا فعلت بكم الأيام .. ماذا فعل بكم البحث عن خلاص فردي من عالم لم ياتِ على مقاس أحلامكم وطموحاتكم.. بل عالم طاحن لم يحقق لكم أبسط حقوقكم..

آه من هذا الشرق المنكوب.. الغارق في ليله.. الباحث عن خلاص طال انتظاره ولمّا يأتي بعد...