شريط الأخبار
"صحة غزة" تشكر المستشفى التخصصي لدعمه بالمستلزمات الطبية فيديو "الديموقراطي الاجتماعي الدولي" يعقد في عمان مؤتمرًا حول القضية الفلسطينية ادانة رئيس لجنة زكاة بالتزوير واساءة الائتمان لاستيلائه على 400 الف دينار حزب إرادة: حصدنا رئاسة تسع مجالس محافظات من أصل 12 توجه لتعيين القاضية السابقة الحمود رئيسة للجنة الدائرة الانتخابية العامة تقدير موقف | هل نجحت أميركا بكبح التصعيد بين إيران وإسرائيل؟ وفاة 3 اشخاص بحادث سير بوادي موسى هاليفي ورئيس الشاباك بالقاهرة.. هل رضخت مصر لخطط اسرائيل باجتياح رفح؟! لطمأنة مستوطني شمال اسرائيل الفارين.. جالانت يزعم: قتلنا نصف قادة حزب الله! إسرائيل تشحذ طائراتها ومدافعها لمهاجمة رفح.. وتشتري 40 ألف خيمة لـ"المدنيين"! الملك يحذر من تفاقم خطورة الوضع الانساني في غزة خريسات: أجرينا آلاف عمليات السمنة في مستشفيات الوزارة شاب يقتل شقيقه طعنا لخلافات عائلية تحديد موعد الانتخابات النيابية في 10 أيلول المقبل الميثاق يرحب بتوجيهات الملك لاجراء الانتخابات النيابية ماراثون الانتخابات يبدأ.. الملك يامر باجرائها.. وايلول موعدها المتوقع الحرية واسطولها عالقة بشواطيء تركيا.. وغزة المحاصرة تنتظر عُمان توقف مؤقتا التحاق طلبتها بالجامعات الخاصة الأردنية الملك في وداع امير الكويت "الضمان" يوافق لـ "المستشفيات الخاصة" على صرف مستحقات إصابات العمل

الخلافات أقصر طريق لاندثار الدول

الخلافات أقصر طريق لاندثار الدول
د. محمد علي النجار
إن أخطر الأمور التي تؤثر سلبًا وبشكل خطير على مسيرة الأوطان، وفي حياة الإنسان، وتوقف العمران، إنما هو الخلافات؛ الاختلاف في الآراء، والتوجهات، والانتماءات، والعصبيات في أي مجتمع من المجتمعات، وما أضاع الأندلس في الماضي، وفتت الوطن العربي في عصرنا الحاضر، وشتت أبناءه إلا اختلاف القلوب، وتعدد الانتماءات، والولاءات، والأنانية والجري وراء المكتسبات على حساب الوطن والأمة والدين.  
انتصار خلَّده التاريخ:
في عام أربعمئة وخمسة وخمسين مات السلطان السلجوقي طغرلبك في الري، وبموته برز نجم السلطان ألب أرسلان الذي كان من أبرز أعماله، انتصاره على ( رومانوس Romanus) ملك الروم الملقب بـــ (ديوجينس Diogenes) الذي خرج في سنة ثلاث وستين وأربعمئة في مئة ألف ووصل إلى ملازكرد، فأسرع إليه ألب أرسلان في خمسة عشر ألف فارس، وتزاحف الجيشان يوم الجمعة فانهزم الروم وقُتل منهم خلق، وأسِرَ الملك، وكان هذا الانتصار - كما يرى بعضُ المؤرخين الأوروبيين - بداية النهاية للأمبراطورية الرومانية، حيث كان الأتراك السلاجقة أولَ من ظهر من الأمم التي قدِّرَ لها أن تقضيَ نهائيًا على الامبراطورية الرومانية.
بداية الخلافات:
وفي سنة خمس وستين وأربعمئة، توفي ألب أرسلان بعد تسع سنوات وشهور من الحكم، فبدأ الاختلاف بين السلاجقة على العرش، حتى استقر الأمر لملكشاه بتدبير من وزيره نظام الملك، ومع رحيل سلطان سلجوقي، واستتباب الأمر لملكشاه، كان رحيل الخليفة العباسي القائم بأمر الله في شعبان سنة سبع وستين وأربعمئة، وتولى المقتدي بأمر الله الخلافة في بغداد. ويُذكر أن ملكشاه دخل بغداد ثلاث مرات، كان آخرُها في الرابع والعشرين من شهر رمضان سنة خمس وثمانين وأربعمئة، بعد مقتل نظام الملك. وكانت وفاة ملكشاه فيها في شوال، وكانت قد جرت بينه وبين الخليفة في تلك الأيام وحشة .. ومن أسباب الوحشة اقتراحه على الإمام المقتدي انتقاله عن بغداد إلى حيث يختاره من دمشق أو الحجاز.
تناقضات على الأرض:
وبالرغم من الخلاف القائم بين المقتدي وملكشاه، فإن المصادر التاريخية تثني على السلطان السلجوقي وتصفه بأنه "ملك سيرته العدل وسريرته الإنصاف والفضل، شجاع مقدام صائب الرأي والتدبير”. وقد استطاع أن يبسط سيطرةَ السلاجقة على مساحات شاسعة من الأرض "وكانت مملكته قد اتسعت اتساعًا عظيمًا، وخُطب له من حدود الصين إلى الداروم من أرض الشام، وأطاعه صاحب طراز، واستيجاب وكاشغر، وبلاسغون، وغيرها من الممالك البعيدة، ومَلكَ سمرقند، وجميع ما وراء النهر”، وله الكثير من أعمال البر والخير، ولكن المصادرَ لا تنسى أن تشير إلى أن هذا ما كان ليتحقق لولا وجود وزيره نظام الملك الذي أجمع عدد من المصادر التاريخية على مكانته وفضله وذكرت أن خلافًا وقع بين نظام الملك وملكشاه مما جعل بعضَ المؤرخين يتهمون السلطانَ ملكشاه بتدبير مقتل وزيره، بسبب هذا الخلاف، أو لأنه سئم طول عمره، وقد خلفه في الوزارة تاج الملك أبو الغنايم الفارسي الذي لم تطل أيامه فقد "توفي السلطان بعد قتل الوزير بثلاثة وثلاثين يومًا، ولم يعش تاج الملك بعد ذلك أكثر من ثلاثة أشهر”.
الخلافات على الحكم:
بموت السلطان ملكشاه، بدأ الخلاف على الحكم يدب في البيت السلجوقي، فقد بايع العسكر ابنه محمودًا وهو طفل صغير بتدبير من أمه تركان خاتون، فانحازت جماعة على رأسها مماليك نظام الملك إلى بركياروق بن ملكشاه، وبدأت الحروب بين الأطراف المتنازعة على الحكم "وفي هذه الحروب والاختلافات، انتقل الإمام المقتدي فجأة يوم السبت خامس عشر المحرم سنة سبع وثمانين وأربعمئة إلى رحمته تعالى، وبويع بالخلافة الإمامُ المستظهر بالله، فأخِذَ منه كتابُ التقليد لبركياروق الذي كُفِي شرَّ بعض خصومه، فقد "مات محمود، وماتت والدته ولم تنقضِ سنة، وتم الملك لبركياروق "الذي أنقذه موت أخيه محمود بالجدري من الكحل والسمل.
الانشغال بالمعارك والمؤامرات:
وفي ذي الحجة من سنة سبع وثمانين وأربعمئة ، استوزر السلطان بركياروق مؤيدَ الملك أبا بكر عبيد الله بن نظام الملك ، الذي كان من أول أعماله ، التصدي لتُتُش عم بركياروق الذي بدأ ينازعه الحكم، فانتصر مؤيدُ الملك عليه وقتله، وقضى على جيشه في صفر من سنة ثمان وثمانين وأربعمئة، وكان هذا الانتصار مصدرَ سرور وإعجاب السلطان بركياروق بوزيره، ولم يطل هذا الإعجاب، فقد دارت حول مؤيد الملك الدسائس والمؤامرات فاعتقِلَ وحُبسَ، ثم خلص من الاعتقال، وقصَدَ الملكَ محمد بن ملكشاه أخا بركياروق فقوّى فيه طلبَ السلطنة وتسلم وزارته، واستطاع أن يستميلَ العساكر، وقبض على الخاتون زبيدة أم بركياروق وسعى في خنقها فَخُنِقَت، إلا أن مؤيد الملك نفسَهُ وقع في إحدى المعارك التي دارت بين الأخوين محمد وبركياروق أسيرًا، فما كان أمام بركياروق إلا قتله انتقامًا لمقتل أمه، ولتحريضه لأخيه محمد على قتاله ومنازعته السلطنة، فضرب عنقه، واستمر الخلاف بين محمد وأخيه بركياروق على السلطنة، ودارت بينهما خمس معارك، كانت الغلبة في أربع منها لبركياروق، وانتهى الأمر بفوز محمد وهزيمة بركياروق في الخامسة .
وقد تخللت هذه المعارك اتفاقات للصلح سرعان ما كانت تنفرط عقودها إلى أن توفي السلطان بركياروق "في ربيع الآخر سنة 498ه فتفرد بالسلطنة أخوه محمد”.
السلطان ما له وما عليه:
ومما يُذكرُ للسلطان محمد ويُحمدُ عليه، محاربته لرجال الباطنيةِ الذين اشتد أمرُهم وقويت شوكتهم؛ لانشغال السلاطين عنهم والخُلف الواقع بين السلطانين بركياروق ومحمد، ومما يؤخذ عليه قتله لملك العرب سيف الدولة صدقة بن منصور بن دبيس الأسدي، الذي كان له وزنه السياسي والعسكري في ذلك الوقت، وكان قد وقف إلى جانب السلطان محمد نفسِهِ، وأيده وشدَّ من أزرهِ ضدَ أخيه السلطان بركياروق.
اندثار الدولة السلجوقية:
لقد امتدت الدولة السلجوقية في أراضٍ شاسعة، وظلت دولة قوية فتية خلال حكم الرعيل الأول من السلاطين، حتى دبت الخلافات بين ورثتهم، وتناحروا فيما بينهم، فتفرقت كلمتهم، وتشتت قوتهم،     فأهملوا مصالح البلاد والعباد، وانتشر الشؤم والفساد، وانتهى أمر دولتهم بعد الضعف بسبب الخلافات إلى الفناء، ففي شهر ربيع الآخر عام اثني عشر وخمسمئة توفي الخليفة العباسي المستظهر بالله، ليبدأ عهدٌ جديد كتبه من جاء من سلاطين السلاجقة وخلفاء بني العباس الذين اشتد فيه عودهم، واتسعت لأحداثه صفحات التاريخ مدًا وجزرًا، وانتهى بانقراض الدولة السلجوقية في هذه المنطقة بمقتل السلطان طغرل بك أرسلان شاه في أيام الخليفة العباسي الناصر، وذلك سنة تسعين وخمسمئة، فكان آخر ملوك السلجوقية في العراق.