شريط الأخبار
الاردن يرحب بالقرار الجديد لمحكمة العدل الدولية "العدل الدولية" اامر اسرائيل باجراءات لادخال المساعدات لغزة مندوب الملك وولي العهد يشارك بتشييع الفريق طارق علاء الدين المحكمة تقرر تعويض مستثمر بـ 15.5 مليون دينار من بلدة الرصيفة سلب سريلانكية بالتهديد باداة حادة غرف الصناعة تطالب باشتراط اسقاط الحق الشخصي للعفو عن مصدري الشيكات قراءة استراتيجية: مخطط إسرائيل بتدمير حماس يقترب من الفشل "الاعيان" يقر قانون العفو العام اصابة 3 مستوطنين بجروح باطلاق نار في الاغوار "ذا إيكونوميست”: في لحظة قَوتها العسكرية.. إسرائيل ضعيفة للغاية صورتاه وهو ينتحر.. تبرئة شقيقتين من قتل والدهما في عمان ارتفاع الحرارة اليوم .. وعدم استقرار جوي ضعيف الجمعة والسبت تصعيد كبير على حدود لبنان وشهداء.. وصواريخ حزب الله تنهمر "الكهرباء الاردنية" تؤسس شركة لشحن المركبات الكهربائية غرف الصناعة تبحث أثر شمول جرائم الشيكات بالعفو العام محافظة يرجح صدور نتائج المنح والقروض الجامعية قبل العيد حماس تنشر رسالة مسجلة لقائد "كتائب القسام" محمد ضيف 45 ألفا يؤدون صلاتي العشاء والتراويح في المسجد الأقصى حزب المثاق يعلن مشاركته بالانتخابات النيابية القادمة الملك والملكة وولي العهد يلتقون وجهاء وممثلين عن البادية الوسطى

الدكتور محمد علي النجار يكتب :

مدرسة العم سعيد رحمه الله

مدرسة العم سعيد رحمه الله
لست أدري من أين أبدأ؟ .. هل أبدأ بالتعريف بالمدرسة ، أو بالتعريف بصاحبها ، وعلومه وشهاداته؟!! .. وإن كنت أؤمن بأن الشهادات شيء .. والعلم والثقافة والفهم شيء آخر ، فليس كل من حمل شهادة هو عالم .. وليس كل من افتقر للشهادة هو جاهل .. فكم ممن لم يحملوا الشهادات ، كانوا أكثر علمًا ، وثقافة ، وفهمًا ، وحسن إدارة من بعض من حملوها .. وفرق شاسع بين إنسان يحمل شهادته ، وإنسان تحمله شهادته .. وكثير هم!!.
العم سعيد لم تسعفه الظروف ليذهب للمدرسة والجامعة ، لذا أعتقد أنه لا يكاد يستطيع أن (يفك الخط)... كان رجلاً طيبًا للغاية ، حتى تحسبه لفرط طيبته ساذجًا ، ولكنك تكتشف فيما بعد نباهته وفطنته ، كان دائم الابتسام ، يحبه جميع من حوله.
العم سعيد كان (آذنًا) أو (فرّاشًا) أو سمّه ما شئت ، كنا نعمل في مؤسسة تعليمية ، وكان عمله ينحصر في عمل الشاي ، وتوفيره للهيئة التعليمية ، والهيئة الإدارية ، وللضيوف والزائرين في المؤسسة ، وكان حريصًا على أداء عمله ، وعلى إرضاء الجميع.
أذكر أنه كان يحرص كل يوم على أن يمر على مكاتبنا ؛ غرفة .. غرفة ، بعد العاشرة صباحًا ، ويسألنا إن كنا نريد كأسًا من الشاي ، ولاحظت وقتها أنه يفعل ذلك لانقطاعه عنا لمدة تقرب من نصف ساعة وبشكل يومي .. حتى دفعني فضولي إلى أن أسأله: أين تذهب يا عم سعيد كل يوم؟ .. ابتسم العم سعيد وقال: هنا .. مشوار قريب..
وبعد أيام سألته: أين تذهب يا عم سعيد كل يوم؟
فابتسم .. ووجد نفسه مضطرًا للإجابة .. قال: أذهب للبنك ... قلت: وماذا تفعل في البنك كل يوم يا عم سعيد؟ .. ابتسم وقال: أضع في حسابي ماتيسر .. نظرت إليه وأنا غير مقتنع بما يقول .. صحيح أن راتب العم سعيد أعلى من راتبي ؛ لأنه مواطن ؛ ولأن دولته تحرص على معيشة أبنائها ، إلا أن راتبه لا يؤهله للذهاب للبنك كما يدعي ، ويضع كل يوم في حسابه ما تيسر!!.
كانت علاقتي مع العم سعيد علاقة جيدة .. كان يثق بي ، ويستشيرني في بعض الأمور .. لذا لم يكن حديثي معه والتضييق عليه بالأسئلة يسبب له إحراجًا ، بل كان يبتسم محاولاً التهرب من الإجابة ..
قلت له: يا أبا محمد .. إنك تغيب عنا مدة تقل عن نصف ساعة ... وأقرب بنك إلينا يحتاج نصف ساعة ذهابًا ، ومثلها إيابًا .. وأنت لا تمتلك سيارة .. فما هذه المعاملات البنكية اليومية ، وأنت تعرف أنه لا يزيد من راتبك مع نهاية الشهر شيء؟!.
وهنا اضطر أبو محمد لأن يصارحني وهو متردد في الإفصاح عن وجهته ... قال: أستاذ محمد ... الناس تذهب للبنوك وتزيد أرصدتها .. ثم خفض رأسه ونظر إلى الأرض ومضى قائلاً: وأنا أذهب للمسجد (وكان داخل المؤسسة) وأصلي ما تيسر لي .. أضعه في حسابي للآخرة .. طأطأت رأسي .. وخجلت من نفسي ..
ومضت الأيام .. وافترق الجمع .. وذات يوم كنت في زيارة للمقبرة التي كنت أحب زيارتها بين الفينة والأخرى ، أتفقد ما جد فيها من قبور .. وأقرأ الفاتحة لمن أعرفه ولا أعرفه ، فإذا بي أقف أمام قبر مدون عليه اسم العم سعيد!! وقفت أمام قبره واجمًا .. ثم قرأت الفاتحة على روحه ، ودعوت له .. وتذكرت درسه البليغ .. وما خبأه لآخرته ، يوم لا ينفع مال ولا بنون .. (ولا ماجستير ولا دكتوراة) إلا من أتى الله بقلب سليم ... رحم الله العم سعيد .. وإخوانًا له كرامًا .. ورحمنا إذا صرنا إلى ما صار إليه.. وكل عام وأنتم بخير ...