شريط الأخبار
تراجع الكتلة الهوائية الحارة.. واجواء غير مستقرة حتى الاثنين قتل شخص دهسا جراء خلافات بعمان الاردنيون يواصلون بالمحافظات احتجاجاتهم على جرائم الابادة بغزة مكتب سياسي جديد لحزب العمال للمشاركة بالانتخابات النيابية نتنياهو بضحي بالمخطوفين الاسرائيليين على مذبح حكمه الهيئة العامة للصحفيين ترفض احالة ملف مخالفات "مفترضة" للقضاء "صحة غزة" تشكر المستشفى التخصصي لدعمه بالمستلزمات الطبية فيديو "الديموقراطي الاجتماعي الدولي" يعقد في عمان مؤتمرًا حول القضية الفلسطينية ادانة رئيس لجنة زكاة بالتزوير واساءة الائتمان لاستيلائه على 400 الف دينار حزب إرادة: حصدنا رئاسة تسع مجالس محافظات من أصل 12 توجه لتعيين القاضية السابقة الحمود رئيسة للجنة الدائرة الانتخابية العامة تقدير موقف | هل نجحت أميركا بكبح التصعيد بين إيران وإسرائيل؟ وفاة 3 اشخاص بحادث سير بوادي موسى هاليفي ورئيس الشاباك بالقاهرة.. هل رضخت مصر لخطط اسرائيل باجتياح رفح؟! لطمأنة مستوطني شمال اسرائيل الفارين.. جالانت يزعم: قتلنا نصف قادة حزب الله! إسرائيل تشحذ طائراتها ومدافعها لمهاجمة رفح.. وتشتري 40 ألف خيمة لـ"المدنيين"! الملك يحذر من تفاقم خطورة الوضع الانساني في غزة خريسات: أجرينا آلاف عمليات السمنة في مستشفيات الوزارة شاب يقتل شقيقه طعنا لخلافات عائلية تحديد موعد الانتخابات النيابية في 10 أيلول المقبل

الدكتور محمد علي النجار يكتب :

انفض الموسم .. ونجحت الميزانية ..

انفض الموسم .. ونجحت الميزانية ..
تحت قبة البرلمان .. وعلى مدار عدة أيام .. استمعنا إلى أكثر من مئة كلمة من أعضاء مجلس النواب الموقر ، وذلك خلال مناقشة الموازنة العامة ، في مشهد يحق للأردنيين أن يفخروا به من حيث التنظيم ، والإدارة الهادئة السلسة ، والاحترام المتبادل ، وتقبل الآخر ، وسعة الصدر ، وتنوع الأفكار ، وجرأة الطرح ، ومئات التوصيات التي قدمها الأعضاء ، والتي وضع النواب من خلالها أصابعهم على الجروح التي يعاني منها الوطن والمواطن!!.
كانت كلمات أعضاء مجلس النواب غنية بالأفكار والموضوعات .. فقد دارت حول الإصلاح السياسي .. والاقتصادي .. والإداري .. ومكافحة الفساد .. والبطالة .. والاستثمار .. وضعف الخدمات .. وتدني الرواتب .. وغيرها من المطالبات ... وكلها تهم الوطن والمواطن.
لقد أمضيت وقتًا ممتعًا وأنا أستمع للنواب ، الذين كانوا يعبرون في كثير من طروحاتهم عن شعور عامة الشعب .. كانت كلماتهم لا تخلو من الحدة أحيانًا ، والنقد والرفض إلى درجة الاتهام أحيانًا أخرى .. حتى خيل إلي أن الموازنة لن تمر!!... 
وقتها تذكرت هوايتي القديمة منذ كنت في المرحلة الإعدادية ، كنت أيامها مغرمًا بالاستماع لتسجيلات مناقشة الرسائل العلمية ، وكنت أحفظ مواقع الإذاعات ومواعيد بث هذه المناقشات ليلاً ، فأحتال بكل الطرق لحيازة المذياع (الترانزستور) وأدس نفسي في الفراش ، وأغطي رأسي حتى لا يراني ولا يسمعني أحد!! ، وأعيش أجواء المناقشات الحامية ، فكان أعضاء لجنة المناقشة يتبارون في جلد الطالب بأسئلتهم ونقدهم وتفنيدهم لفكرته ، فلا يتركون شاردة ولا واردة إلا أحصوها عليه ، حتى يخيل للسامع أن الرسالة ما هي إلا كتلة من الأخطاء ، وأنه لم يبق فيها شيء يستحق الإشادة أو التقدير ، فكنت أشفق على الباحث ، وأرى في خضم المناقشة أن الرسالة مردودة على صاحبها لا محالة ، وأنه ليس أمامه إلا أن يحمل رسالته ليعيد كتابتها وترتيبها من جديد ... ثم استوعبت اللعبة من خلال إدماني على سماع هذه المناقشات ؛ فما أن يختلي أعضاء اللجنة حتى يتم الإعلان عن اعتماد الرسالة ، وإجازتها بتقدير ممتاز مع مرتبة الشرف ، مع التوصية بأخذ ملحوظات اللجنة بالاعتبار .. هنا وجدتني وأنا أستمع إلى الخطب النارية من نوابنا ، والنقد الشديد للموازنة ، ورغم الجو العام الذي ينذر بالرفض ، وجدتني لا أستبعد تكرار التجربة ، وتمرير الموازنة وبالفعل تم التصويت من قبل الأعضاء ، فمرت الموازنة ونجحت ، وأجيزت ، وإن لم تحصل على درجة ممتاز ، ولم تحصل على مرتبة الشرف ، ولن تأخذ في الحسبان ملحوظات الأعضاء ..
لم تخل كلمات النواب من الجرأة والشجاعة ، والصدق والإخلاص ، وحبهم لمواطنيهم ، والحرص على مستقبل وطنهم ، وما سمعته ورأيته دون مجاملة ، وبعيدًا عن النتيجة ، يدل على أننا في الأردن لا نزال بخير ، فالمتحدثون وإن اختلفت اتجاهاتهم ، إلا أن حب الوطن وحد نظرتهم ، وصاغ خطاباتهم ، وسكب في بوتقة الوطن كلماتهم.
أجيزت الموازنة للعام 2022م ولكن نجاحها في الحقيقة كان بدرجة مقبول ، وقد ذكر فريق "راصد" لمراقبة البرلمان نتائج التصويت على الميزانية على مدار السنوات الماضية ، حيث تم إقرار الميزانية سنة 2021م بنسبة 62% ، وفي سنة 2020م بنسبة 57% ، وفي سنة 2019م بنسبة 57% ، وفي سنة 2018م بنسبة 59% .. وفي المجمل فإن هذه النسب يجب أن تكون مؤشرًا على وجود الخلل ، وعدم الرضا ، وأنه لا يجوز أن يستمر عدم الرضا على مدار عدة سنوات متتالية ، ولا يجوز أن تكون السنة المالية المقبلة ، نسخة مكررة من السنوات الماضية ، ولا يجوز أن نقبل أن نكون في حالة مكانك سر إذا كنا نريد حقًا أن نقتحم المئوية الثانية للدولة بقوة وثقة واقتدار ، خاصة إذا كنا في هذا الوطن ، أهل للنجاح والإبداع والابتكار ، ونمتلك أدوات البناء والنماء ، والمقدرة على التطور والتقدم وصنع الرخاء ، إذا أطلقت العقول من عقالها ، وأحسن استخدامها وتوظيفها.
إن على صناع القرار الوقوف طويلاً أمام كلمات أعضاء مجلس النواب التي ألقيت تحت القبة ، فهي كلمات الحب للوطن ، والخوف عليه ، وهي خارطة طريق في رحلة البحث عن حلول لمشكلاته ، فلا يجوز المرور عليها مرور الكرام .. وعلى صناع القرار عدم التفرد في رسم خطوط المستقبل ، بل ينبغي عليهم إشراك المجتمع المحلي ، الغني بالخبرات ؛ من متخصصين في شتى المجالات ، واستشاريين واقتصاديين ، وباحثين وأساتذة جامعات ؛ لوضع خطط استراتيجية وطنية طويلة الأمد قابلة للتطبيق تلبي طموحات الوطن ، فالأردن يستحق منا أفضل مما قدمنا ، وهو بانتظار المزيد من العطاء من أبنائه ونحن على أبواب المئوية الثانية ..
الوطن للجميع ، وكلنا في سفينة واحدة .. فعلى كل مواطن كل في موقعه ، موظفًا كان أو مسؤولاً ، أن يشارك بجد في الإنتاج والبناء ، وأن يحرص على سلامة الوطن ، وأن يحافظ على مقدراته ، وأن يكون رائدًا للإبداع والتطوير والتغيير ، وقدوة لمن حوله في إخلاصه وحبه لوطنه ؛ لنساهم جميعًا في اجتياز هذه المرحلة الصعبة إلى المستقبل الواعد بإذن الله.
حفظ الله الأردن أرضًا مباركة .. وشعبًا مخلصًا .. وقيادة هاشمية رشيدة ..