شريط الأخبار
ادانة رئيس لجنة زكاة بالتزوير واساءة الائتمان لاستيلائه على 400 الف دينار حزب إرادة: حصدنا رئاسة تسع مجالس محافظات من أصل 12 توجه لتعيين القاضية السابقة الحمود رئيسة للجنة الدائرة الانتخابية العامة تقدير موقف | هل نجحت أميركا بكبح التصعيد بين إيران وإسرائيل؟ وفاة 3 اشخاص بحادث سير بوادي موسى هاليفي ورئيس الشاباك بالقاهرة.. هل رضخت مصر لخطط اسرائيل باجتياح رفح؟! لطمأنة مستوطني شمال اسرائيل الفارين.. جالانت يزعم: قتلنا نصف قادة حزب الله! إسرائيل تشحذ طائراتها ومدافعها لمهاجمة رفح.. وتشتري 40 ألف خيمة لـ"المدنيين"! الملك يحذر من تفاقم خطورة الوضع الانساني في غزة خريسات: أجرينا آلاف عمليات السمنة في مستشفيات الوزارة شاب يقتل شقيقه طعنا لخلافات عائلية تحديد موعد الانتخابات النيابية في 10 أيلول المقبل الميثاق يرحب بتوجيهات الملك لاجراء الانتخابات النيابية ماراثون الانتخابات يبدأ.. الملك يامر باجرائها.. وايلول موعدها المتوقع الحرية واسطولها عالقة بشواطيء تركيا.. وغزة المحاصرة تنتظر عُمان توقف مؤقتا التحاق طلبتها بالجامعات الخاصة الأردنية الملك في وداع امير الكويت "الضمان" يوافق لـ "المستشفيات الخاصة" على صرف مستحقات إصابات العمل "المياه" تستكمل حملتها بضبط وردم 30 بئرا مخالفة ومحطات معالجة وتحلية الملك وامير الكويت يؤكدان الاعتزاز بالعلاقات الاخوية التاريخية بين البلدين

د. محمد علي النجار يكتب:

مع الناقل الوطني .. هل نستبشر خيرًا ؟

مع الناقل الوطني .. هل نستبشر خيرًا ؟
       
مع هذا المقال ، أرى أننا أكثرنا من الحديث في موضوع أزمة المياه ، ولا غرابة في ذلك ما دام الأمر يهم الوطن والمواطن ، وما دامت الأزمة مستوطنة منذ عقود ، وما زالت تراوح مكانها منذ سنوات ، ولم تجد حلاً استراتيجيًا إلى الآن ، ومع الحديث عن تقدم وإنجاز في الإعداد لمشروع الناقل الوطني ، فإن علينا أن نستبشر خيرًا.    
 
لا شك في أن أزمة المياه موضوع قديم متجدد ، وسيظل مطروحًا للأخذ والرد ، والشرح والتوضيح ... وزيرٌ أسبق للمياه .. يرى أن ملف المياه لم يكن ذا أولوية في آخر وزارتين ، وأن التعاطي مع هذا الملف كان روتينيًا ، وأن عدم السيطرة على الفاقد من المياه ، ووقف الاعتداءات على شبكات المياه ، وتهجير الكفاءات في القطاع المائي ، والإسالة في السدود ، كانت أخطاء إدارية للمسؤولين الكبار في الوزارة ... فيما قال وزيرٌ أسبق آخر للمياه: إن المملكة تنعم بكميات من المياه تكفيها خمسمئة عام ... في الوقت الذي حذر خبير مائي أردني من أن الأمن المائي الأردني في خطر ، وأن الماء المتواجد في الأردن لا يكفي إلا لمليوني مواطن ، في الوقت الذي يزيد فيه عدد سكان الأردن عن عشرة ملايين ... إلا أن وزير المياه والري المهندس محمد النجار قدم شرحًا لخطة الوزارة المائية ، وكانت رؤيته مُطَمْئنةً إلى حد ما ، إذ من المتوقع أن يبلغ الطلب على مياه الشرب في عام 2022م نحو 555 مليون متر مكعب ، في حين المتاح 510 مليون متر مكعب. 
إن الوضع المائي في الأردن لا يقل أهمية عن الوضع الوبائي ، فجميعها هموم تثقل كاهل الوطن ، ونحن في غنى عن مثل هذه الهموم ، فالجميع يدرك أن الجائحة المائية ليست وليدة الساعة ، بل هي أزمة متراكمة ، تعاورت عليها حكومات ووزراء كُثر ، ولهذا لا يستطيع أحد أن يحمل المسؤولية لأي جهة ، وفي الوقت ذاته لا يمكن أن يبرئ منهم أحدًا ، فالجميع كان يعرف النتيجة ، وإلى أين نحن ذاهبون ، وبالرغم من خطورة الوضع ، فقد تم التعامل مع مشكلة المياه طوال السنوات ، أو العقود الماضية بحلول نظرية ، لا تعدو أن تكون اجتماعات ، ومؤتمرات ، وتوصيات واستراتيجيات للاستهلاك الإعلامي ، ولم تتم ترجمتها على أرض الواقع ، بما تستحقه من الأهمية ، بل كان مصيرها أدراج المكاتب ، ليتوارثها وزراء ، يورثونها لمن سيأتي بعدهم ، أما بعض الحلول - إن وجدت - فكانت بمثابة مسكنات مؤقتة ، الأمر الذي أوصلنا بعد هذه السنوات الطوال إلى ما نحن فيه من معاناة وحيرة.
لقد كان جلالة الملك حفظه الله ينظر للمستقبل نظرة ثاقبة ، بما لديه من إحساس ووعي بالمشكلة المقبلة ، فأصدر توجيهاته سنة 2009م بتشكيل لجنة ملكية للمياه ، مكونة من ذوي الاختصاص برئاسة سمو الأمير فيصل بن الحسين ... فتم وضع الاستراتيجية الوطنية لقطاع المياه التي تم عرضها أمام جلالة الملك ، حيث أمر بتحويلها إلى الحكومة لإقرارها ، وبالفعل تم إقرارها من قبل الحكومة بتاريخ 5/12/2009م التي أكدت على ضرورة (الإسراع) في تنفيذها إلا أن رحيل الحكومة كان (الأسرع) بتاريخ 9/12/2009م أي بعد أربعة أيام من إقرار الاستراتيجية..
وفي شهر ديسمبر عام 2015م وضعت الحكومة - وقتها - الاستراتيجية الوطنية للمياه 2016-2025 إلا أن الحكومة رحلت بعدها بأقل من ستة شهور ، وتركت خلفها هذه الاستراتيجية ، وجاء بعدها أربع حكومات إلى يومنا هذا ، ولا ندري هل سارت الحكومات المتوالية في ضوء هذه الاستراتيجية وطبقتها ؟ أم طويت ورُحلت إلى الأدراج  مع رحيل الحكومة؟! .. ويعجب المرء عندما يطلع على أنشطة الوزارة ، فيجد ملخصًا للخطة الاستراتيجية 2015-2019 لوزارة المياه والري (سلطة المياه) .. والخطة الاستراتيجية لوزارة المياه والري للأعوام 2018-2020 ، وخطة استراتيجية مثلها لسلطة وادي الأردن ، فما الذي تحقق على أيدي الحكومات بوزرائها منذ عام2009م ونحن اليوم على أبواب سنة 2022 وما نزال في وضع مائي لا نحسد عليه؟!.
ولا يزال جلالة الملك يتابع بكثير من الاهتمام الأزمة المائية ، لما لها من تأثير على الوطن والمواطن ، حيث وجه الحكومة لوضع استراتيجية طويلة المدى لقطاع المياه ، والتعامل مع التحديات التي تواجه المملكة بهذا الخصوص ، ضمن رؤية واضحة ، وشدد على أهمية استخدام التكنولوجيا للتصدي لتحديات المياه ، والاستعانة بالخبرات المحلية والدولية ، لاعتماد أساليب توفير المياه ، وإنشاء السدود ، لافتًا إلى إمكانية الاستفادة من التمويل الدولي المتوفر ، لمواجهة أثر التغير المناخي على قطاع المياه ، وأكد جلالته خلال اجتماع حضره سمو الأمير فيصل بن الحسين ، أن إجراءات تحديد الفاقد من المياه ، ومعالجة ذلك يجب أن يكون جزءًا من الاستراتيجية الشاملة.
وما تزال أزمة المياه حاضرة في تفكير جلالته ، حيث أكد الأسبوع الماضي خلال لقائه في قصر الحسينية ، بالمكتب الدائم لمجلس النواب على أهمية تنفيذ مشروع تحلية المياه في العقبة (مشروع الناقل الوطني) لتعزيز مصادر المياه من خلال مشاريع استراتيجية .
إن جلالة الملك حفظه الله ، وعلى مدار الأعوام السابقة ، كان يوصي .. ويحث .. ويؤكد .. ويذكر .. ويوجه .. ويتابع ... ليقوم كل مسؤول بواجبه كاملاً ، فليس دور جلالته أن يخطط لإقامة الآبار والسدود والمشاريع المائية ، وليس دوره أن يضع البروتوكولات العلاجية لفيروس كورونا ، وليس دوره أن يتابع حضور وغياب الموظفين ، ومستوى أدائهم بوجود وزراء ، ومتخصصين ، ومستشارين ، ورؤساء أقسام  ، ومديرين ... وفي حقيقة الأمر علينا أن نعترف بأن هناك بعض التقصير في وزاراتنا ومؤسساتنا ، ولوزارة المياه نصيب من هذا التقصير ، مما دفع بمواطن غيور على وطنه ، وهو خبير اقتصادي متخصص في شؤون الطاقة إلى أن يطالب الشهر الماضي ، بمحاسبة وزراء المياه والحكومات السابقة!! بسبب ما وصل إليه الأردن من عجز عن تأمين احتياجاته من المياه ، وحق لهذا المواطن الخبير عامر الشوبكي أن يحتد في مطلبه ، انتصارًا للوطن ، وحرقة عليه ، وهو الذي شارك منذ سنوات ، بوضع الحلول الجذرية لهذه الأزمة عبر تقديم دراسة ومخطط مفصل لمحطة تحلية مياه في العقبة ، مع الجر لمدن الشمال والوسط ، وهو الذي شارك - كما قال - في دراسة مع الدكتور معتز عطية ، أحد علماء المياه في العالم لوضع المخططات الكاملة للمشروع ، مع إمكانية دعمه وتمويله من الولايات المتحدة ، والاتحاد الأوروبي ، واليابان ، والسعودية وغيرهم ، كون هذا المشروع يمثل الطاقة المستدامة بصفر انبعاثات كربونية ، ويبدو أن هذه الدراسة لم تؤخذ بما تستحقه من الاهتمام من قبل المسؤولين في الوزارات المعنية في المملكة.  
وإلى جانب ما قاله الخبير الشوبكي ، يزيد البروفيسور محمد الفرجات مواجعنا عندما يشير إلى دراسة شارك فيها سنة 1995م مع البروفيسور هاني العموش عميد معهد علوم الأرض والبيئة بجامعة آل البيت حاليًا ، بقيادة البروفيسور إلياس سلامة أستاذ علم المياه في الجامعة الأردنية وقتها ، حيث استغرقت الدراسة الميدانية لشواطئ البحر الميت ، والأغوار الشمالية والوسطى والجنوبية أربع سنوات ، أسفرت عن تقرير بنتائج الدراسة رفعه البروفيسور سلامة عام 2000م للجهة الداعمة ، ليعلن عن مئات ملايين الأمتار المكعبة من المياه التي يمكن جمعها وحقنها اصطناعيًا ، لتغذية طبقات المياه الجوفية في الأغوار ، ويختم البروفيسور الفرجات بالقول: فالتغذية الجوفية الاصطناعية هي مستقبلنا لجمع وتخزين جزء كبير من التساقط المطري السنوي على المملكة ، والذي يذهب معظمه على شكل تبخر.  
وبالأمس أعلنت نقابة المهندسين الأردنية ، أنها بالتعاون مع شركة وطنية مساهمة على استعداد أن تنجز مشروع تحلية مياه البحر بالكامل ، دون أي تدخلات خارجية ، وأنها تملك من الكفاءات والمؤهلات والخبرات ما يؤهلها لذلك ... فهذه الثقة بأنفسنا تدفعنا للاطمئنان على مستقبل الوطن ، فما حك جلدك مثل ظفرك ، ولا يحرث الأرض إلا عجولها ، ولا يحمي البلاد ويرفع شأنها ، ويحفظ مواردها ، ويحرص عليها غير رجالها. 
أبحاث قديمة ، ودراسات حديثة ، وعقول أردنية ، وخبرات وطنية ، وطاقات كامنة ، والظروف مواتية .. وكفانا تسويفًا وانتظارًا ، فليس أمامنا مجال لتضييع مزيد من الوقت ، فالطريق نحو تحقيق الهدف واضح يمتد أمامنا ، ولم يبق سوى أن نبدأ بالخطوة الأولى ، فمتى نحن فاعلون؟!.